الآباء القديسون الرعاة والتعليم

 أعدها: الدكتور القس بيشوي وهيب وكيل الكلية





العمل الأساسي في الكنيسة هو العمل الرعوي، ولكي تكون الرعاية سليمة لابد أن يوجد التعليم الصحيح لأنه لا توجد رعاية صالحة بدون تعليم أصيل صحيح، لهذا يعتبر التعليم الرعوي في الكنيسة هو أهم تعليم، وقد اهتم الآباء الرعاة بالتعليم:

+ فالقديس أغناطيوس الأنطاكي Ignatius of Antioch (استشهد 108م) كان يوصف بأنه قائد ماهر بالصوم والصلاة وقوة تعاليمه. ([1])

+ والقديس بنتينوس Pantaenus ([2]) الذي عُرفَ بين آباء الكنيسة في العصور الأولى بأنه مفسر كلمة الله، والذي وصفه كليمندس الإسكندري Clement of Alexandria (150 - 215م) ([3])، بأنه من أعظم المعلمين وأكملهم. وقال عنه أيضًا لسان القفل في أقواله وكتاباته. ([4])

+ والقديس كليمندس الإسكندري الذي نادى بأنه لا إيمان بدون معرفة ولا معرفة بغير إيمان. ([5])

+ والقديس أثناسيوس الرسولي Athanasius of Alexandria (296 - 373م) كان يجول من مكانٍ لآخر محاربًا خطر الأريوسية، ([6]) معلمًا ومثبتًا الناس بكتاباته. ([7])

+ والقديس هيلاري أسقف بواتيه Hilary of Poitiers (310 - 367م) من قوة تعاليمه في اللاهوت لقبوه أثناسيوس الغرب. ([8])

+ واهتم أيضًا بالتعليم القديس باسيليوس الكبير أسقف قيصرية الكبادوك Basil of Caesarea (330: 379م) وغريغوريوس أسقف نيصص Gregory of Nyssa (330 - 395م). ([9])

+ والقديس غريغوريوس أسقف نيازنزا Gregory of Nazianus (329 - 390م) الذي من قوة حُجَّتِهِ لَقَّبوه بالثيؤلوغوس أي الناطق بالإلهيات. ([10])

+ أما القديس يوحنا أسقف القسطنطينية John of Constantinople (تنيح407م) فلُقب بذهبي الفم Chrysostom من جمال تعاليمه وعظاته، وفي سيرته نختبر الكنيسة السماوية المتهللة المعاشة على الأرض وسط الآلام. ([11])

يؤكد القديس يوحنا ذهبي الفم على أهمية التعليم وارتباطه الوثيق بخلاص النفس من خلال شرحه للآية: "لاَحِظْ نَفْسَكَ وَالتَّعْلِيمَ وَدَاوِمْ عَلَى ذلِكَ، لأَنَّكَ إذا فَعَلْتَ هذَا، تُخَلِّصُ نَفْسَكَ وَالَّذِينَ يَسْمَعُونَكَ" ([12]) من رسالة القديس بولس الرسول إلى تلميذه تيموثاوس مرشدًا بالآتي:

[اسمع أيضًا ما يقوله (القديس بولس الرسول) من مسؤوليته لتلميذه: "أعط أهمية للقراءة، والوعظ، والتعليم"، ويستمر في إظهار فائدة ذلك من خلال إضافة، "لأنك في القيام بذلك تخلص نفسك والذين يسمعونك"، وأيضًا مرة أخرى يقول: "لا يجب على عبد الرب أن يخاصم، بل أن يكون لطيفًا مع الجميع، وقادرًا على التعليم وحليمًا"، "تعلمت وتأكدت من معرفة من تعلمت منهم، وأنك منذ طفولتك تعرف الكتابات المقدسة القادرة على جعلك حكيمًا للخلاص"] ([13])

وفي موضع آخر يؤكد القديس يوحنا ذهبي الفم على الدور الرعوي للأسقف مع أهمية قدرته على التعليم من خلال شرحه لما ورد في رسالة القديس بولس الرسول إلى تلميذه تيموثاوس:

"يَجِبُ انْ يَكُونَ الأُسْقُفُ بِلاَ لَوْمٍ، بَعْلَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، صَاحِيًا، عَاقِلًا، مُحْتَشِمًا، مُضِيفًا لِلْغُرَبَاءِ، صَالِحًا لِلتَّعْلِيمِ" ([14])

مساويًا بين شقين أساسيين في مؤهلات الأسقف:

    - الشق الأول بلا لوم، بعل امرأة، واحدة، صاحيًا، عاقلًا، محتشمًا، مضيفًا للغرباء.
    
    - الشق الثاني صالحًا للتعليم.

طارحًا عن الشق الأول إنه ان وجد فقط دون الآخر قد يؤدي ذلك إلى الخراب، مؤكدًا على أهمية الشق الثاني وهو الصلاحية للتعليم، إنها نقطة مهمة، وتساهم كثيرًا في بناء الكنيسة، أن مسئوليها يجب أن يكونوا مؤهلين للتعليم، لذلك بالإضافة إلى مؤهلات الضيافة والاعتدال والحياة الخالية من اللوم، فهو يعدّد هذا أيضًا قائلًا: "صَالِحًا لِلتَّعْلِيمِ". وإلا فلماذا يُدعى معلمًا حقًا؟] ([15])

+ والقديس كيرلس الأول Cyril of Alexandria (376-444م) البطريرك الرابع والعشرين كان دقيقًا في تعاليمه، ومحاربته للنسطورية. ([16])

+ ومعلمنا القديس ديسقورس Dioscoros of Alexandria (تنيح 457م) البطريرك الخامس والعشرين كان قويًا في فهم الإيمان والدفاع عنه. وفي مقاومته لمجمع خلقيدونية المشئوم.([17])

+ والقديس ساويرس بطريرك انطاكية Serverus of Antioch جال ثمانية وعشرين سنة في المدن والقرى يثبت قواعد الإيمان، ويرد على أسئلة السائلين. ([18]) كل هؤلاء الآباء عانوا كثيرًا في التعليم وبذلوا كل جهدٍ وكرسوا حياتهم من أجل الإخلاص للكنيسة مقدمين التعليم الصحيح النقي كجزء أساسي للعمل الرعوي.



[1] Philip Schaff, Anf01. The Apostolic Fathers. The Martyrdom Of Ignatius Ch. I. Edinburgh, 1867. P. 202
[2] بنتينوس اعتنق المسيحية على يد أثيناغورس وخلفه كعميد للمدرسة اللاهوتية، وبحسب التقليد ورواية جيروم ويوسابيوس: أحضر بنتينوس نسخة من إنجيل متى بخط يد الإنجيلي متى، وكان قد أحضرها القديس برثولماوس معه من الهند. وقد تمت ترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة القبطية تحت إرشاده. للمزيد أنظر: تادرس يعقوب ملطي (القمص) "نظرة شاملة في علم الباترولوجي في الستة قرون الأولى" (الإسكندرية، كنيسة مار جرجس سبورتنج، ط1، ف.4، 2008) ص68
[3] هو أب الفلسفة المسيحية الإسكندرانية، تسلم رئاسة مدرسة الإسكندرية بعد نياحة القديس بنتينوس عام 193م للمزيد أنظر: تادرس يعقوب ملطي (القمص): مرجع سبق ذكره، ص ص 36 - 39.
[4] غريغوريوس (أسقف عام الدراسات اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي): "التعليم الديني والكلية الإكليريكية ومدارس الأحد" (القاهرة، مكتبة المتنيح الأنبا غريغوريوس، ط1، 2001) ص9
[5] Philip Schaff, History Of The Christian Church, Vol. 1, Ch. 05, P. 32
[6] Philip Schaff, History Of The Christian Church, Vol. 2, P. 780
[7] William Smith And Henry Wace: A Dictionary Of Christian Biography (Literature. Sects And Doctrines) London, 1877, Vol. I, P.179
[8] أثناسيوس فهمي جورج (القمص) "القديس هيلاري أسقف بواتييه" (الإسكندرية، كنيسة مار مرقس والبابا بطرس، ط1، 1992) ص16
[9] Philip Schaff, Npnf2-05. Gregory Of Nyssa: Dogmatic Treatises, New York: Christian Literature Publishing Co., 1893, P. 11
[10] Philip Schaff, Npnf2-07: Gregory Nazianzen Cyril Of Jerusalem, New York: Christian Literature Publishing Co., 1893, P. 367
[11] سليم إلياس (دكتور) "الموسوعة الكبرى للمذاهب والفرق والأديان"ج5 (بيروت، مركز الشرق الأوسط الثقافي، ط1، 2008) ص 261
[12] تيموثاوس الأولى 4: 16
[13] Philip Schaff, D.D., Ll. D, NPNF, Vol. Ix, Saint Chrysostom, P. 68
[14] تيموثاوس الأولى3 : 2
[15] Philip Schaff, D.D., Ll. D, NPNF, Vol. Ix, Saint Chrysostom, (Ibid) p. 461
[16] Philip Schaff, History Of The Christian Church, Vol. 3, Ch. 05, p. 61
[17] C.J. Hefele, A History Of The Councils Of The Church, Vol. Iii, Ams Press 1972, Reprinted From The Edition Of 1883 Edinburgh, P.345
[18] شنوده الثالث (البابا): "مركز الوعظ والتعليم في الكنيسة المقدسة" الكرمة الجديدة (القاهرة، اللجنة الثقافية برابطة خريجي الكلية الإكليريكية ،2008) ص ص 10-11
أحدث أقدم

نموذج الاتصال